مقالة اليوم([ الناسـخْ و المنسـوخ في القرآن ؟ !!!!! ]

لمعرفة معنى [ الناسخ و المنسوخ ] يجب النظّر في سياق الآيات ، بدايةً منَ الآية رقم 89 و حتى 105 من سورة [ البقرة ] ، و الأهمّ هو : بمـا أنّ الآية التي يقولون عنهـا : [ آية النسْخ ] تبدأ بحرف ( مـــا ) الإستئنافيّة ، لذلك يجب النظر إلى الآية التي قبْلهـا : ( مـا يودّ الذين كفروا منْ أهْل الكتَابِ و لا المُشركين أنْ يُنزّل عليْكُم منْ خيْرٍ منْ ربّكُـمْ ... ) البقرة 105 ، أيْ : لا يُريدُ هؤلاء نُزولَ القرآن بسبب وجود كتب سماويّة اُخرى ، فكانّ الردّ الإلهيّ : ( مـا نَنْسَخُ منْ آيةٍ أو نُنْسـهـا ، نأتِ بخيْرٍ منْهـا أوْ مثلهـا ) البقرة 106 ،
فالنسخُ إذاً هو لآيات الكُتُب السماويّة السابقة أو التي نسيهـا الناسُ مع الزَمَن ، و جاءتْ آياتُ القُرآن التي هي ( خيْرٌ منهـا ) أو [ مثلهـا ] في الأحكام الشرعيّة ، فالنسخُ لا يخصّ [ إلغاء ] آياتٍ قُرآنيّة كريمة .
لأنّ الله يقول : ( و إذا بدّلْنـا آيـةً مـكانَ آيـةٍ ... قالوا : إنّمـا أنتَ مُـفْترٍ ) النحل 101 ، فلوْ علِمَ مُشرِكو مكّة أنّ الله قد أنزلَ حُكْماً ثُمّ ألغاه لأقَاموا الدُنيا على [ الدين ] و الرسول الأكرم صلى الله عليه و سلّم .

مُناقشةُ أمثلتهِم على [ الناسخ و المنسوخ ] :
قالوا أنّ آية : ( يا أيّها الذين آمنوا لا تقْربوا الصلاةَ و أنتُم سُكارى ، حتّى تعلموا مـا تقولون ) النساء 43 ، قد [ نسختْهـا ] آية : ( إنّما الخمْرُ و الميْسرُ و الأنصابُ و الأزلامُ ، رجْسٌ منْ عمل الشيطان فاجتنبوه ) المائدة 90 .
_ و المُناقشة : إنّ الآية الأولى تتحدّثُ عن [ السُكارى ] و ليس [ شاربي الخمْر ] ، و السُكارى هُم الذينَ عُقولُهُم [ شاردة و بدون تركيزٍ على التفكير ] و هي حالة لا تخصّ [ فقط ] شاربي الخمْر ، و السبب قوله تعالى : ( لَعَـمْرُكَ إنّهُم في سكْرتِهِمْ يَعْمهون ) الحجر 72 ، و كذلك : ( و ترى الناسَ سُكارى ، و مـا هُم بسُكارى ) الحج 2 توضحُ صراحَةً أنّهُم [ سُكارى ] بدون شرْب الخمْر ، لذلك فإنّ آية [ تحريم الخمْر ] ليس لها أيّ علاقة و لا تنسخ آية [ السُكارى ] ، فكلّ أيةٍ تتحدّثُ عن موضوع مُختلف عن الآخر .

مثالٌ آخر :
قالوا عن آيتين على [ ورقة واحدة ] في القرآن الكريم أنّ إحداهُمـا تنسخُ الأخرى ، و كأنّ الله سبحانه قد غيّر رأيه إذا [ قلبْنـا الورقة ] ، و هُمـا :
الآية التي نُسخَتْ : ( و الذين يُتوّفوْنَ منكُم و يذرون أزواجاً ، و صيّةً لأزواجهم ، متـاعاً إلى الحول ....... فيمـا فعلْن في أنفُسهنّ مـنْ معروف ) البقرة 240
_ الآية الناسخة ( و الذين يُتوفّون منكُم و يذرون أزواجاً ، يتربّصْنَ بأنفُسهنّ أربَعَةَ أشْهُرٍ و عشْراً ..... فيمـا فعلْنَ في أنفُسهنّ بـالمعروف ) البقرة 224
فقالوا : كانت [ العدّة للمرأة ] سنة كاملة ، فأصبحت أربعة أشهر و عشْراً

المناقشة :
أيُهـا [ العالمون ] في اللغة العربيّة ، إنّ الآية الأولى تتحدّثُ عن [الوصيّة الماليّة ] ، و الآية الثانية تتحدّث عن [ العِـدّة ] و لا علاقة لها بالآية الأولى ، ففي الآية الأولى نجد كلمة ( وصيّةً ) و في الثانية نجد كلمة ( يتربّصْنَ ) ، فهل كلمة [ وصيّةً = يتربّصْن ] في مفهومكم اللغويّ ؟ !!!!!!!!!!
و الملاحظة الثانية : في آخر الآية الأو لى نجد ( مـنْ معـروف ) بينمـا في آخر الآية الثانية نجد : ( بـالمعروف ) ، و عند استخدام حرف الجرّ [ مِنْ ] ندلّ على أمورٍ كثيرة مُتعارف عليهـا لكسْب الرزْق ( منْ معروف ) و لذلك جاءت كلمة ( معروف ) بصيغة [ النكرة ] لأنّهـا أشْملُ و أعمّ ، بينمـا في الآية الأولى نجد ( بـالمعروف ) ، فاستخدام حرف الجرَ [ البـاء ] يدلّ على شيْء [ واحد ] مُتعارف عليه هو [ العدّة ] ، لذلك جاءت كلمة ( المعروف ) مُعرّفة ب [ ال ] .

ففي القرآن الكريم ، لا ناسخ و لا منسوخ ، لأنّه : ( حكْمةٌ بالغة ) القمر 5
كلّ هذا و الله أعلم .