في سـبيل ثقـافة قرآنية : ( فلْيـنظر الإنسـان إلى طعـامه ) عبس 24

لقد شدّد القرآن الكريم على الصحّة
الجسـديّة عن طريق الاهتمام بالطعام و الشراب ، فالخلايا العضويّة في
الكائن الحيّ تقوم بنوع من [ الإنتحار ] الداخليّ البطيء ، و يدفن الجسْم
في داخله نفاياته الخلويّة و مخلّفات الموادّ السامّة الخارجة من [ الأكسدة
] و يفرز دوماً موادّ معدّلة لهذا الطوفان من السموم ، فالجسم يغرق
داخليّاً بمخلّفاته عدا
ا
لمخلّفات التي يطرحها خارجاً .
إنّ للغذاء أهميّة بالغة للصحّة ، لذلك طالب القرآن الكريم أنْ ينظر
الإنسان بدقّة لنوعيّة طعامه فقال تعالى ( فلْينْـظر الإنسان إلى طعامه )
عبس 24
لأنّ الأطعمة التي تنتج [ الوسط الحمضي ] مثل اللّحوم البيضاء [
لحم الطيور ] هي الأطعمة الصحيّة فقال تعالى عن طعام أهل الجنّة ( و لـحْم
طـير ) الواقعة 21 ، و منها الأطعمة النباتيّة ، لأنّ الإنسان هو [ ابن
الأرض ] قال تعالى ( و اللّه أنبتكم من الأرض بباتاً ) نوح 17 ،
و قد أشار القرآن لبعْض الأطعمة صراحة و ذكر الفائدة منها ، مثال (
و النخل و الزرع مختلفاً أكله و الزيتون و الرمّان .. كلوا من ثمره إذا
أثمر ) الأنعام 141 ، و يُفيد تناول التمر و البلح و العجوة و غيرها من ثمر
النخل في زيادة طول الإنسان ، لذلك يُنصح بتناولها للأطفال في مرحلة
النموّ ، قال تعالى ( و النخْل باسـقاتٌ لهـا طـلْع نضـيد ) ق 10 ، و العسل
فيه طاقة شفائيّة عالية كونه ناتج عن [ وحي ] إلى النحل فقال تعالى ( فيه
شفاء للناس ) النحل ، و اللبن فيه البيوتين الذي يفيد ينشط الدماغ و يمنح
الحيوية و الجمال ، قال تعالى ( لبنـاً خالصاً سائغاً للشاربين ) النحل 66 ،
و اليقطين يشفي من الأمراض الجلديّة إذا وضع على مكان الإصابة ، قال تعالى
( و أنبتنا عليه شجرة من يقطين ) الصافات 146 ، و يوصى بوضع الماء داخل
أواني [ الفخّار ] قبل شربه لمدّة نصف ساعة ، لأنّ
[ الفخّار ] أقرب
الموادّ للجسم الإنسانيّ ( خلق الإنسان من صلصال كالفخّار ) الرحمن 14 ،
لأنّ ذلك يعطي الماء الطاقة الكونيّة [ برانا ] .
و من أهمّ الأمور
التي أشار إليها القرآن في التغذية هي [ الإرضاع الوالدي ] للأطفال ، فقال
تعالى ( ألـمْ نجعلْ لـه عينين و لساناً و شفتين و هديناه النجـدين ) البلد
8 ، و [ النجدين ] هنا هُمـا : ثدييّ الأمّ ، لأنّ
[ النجد ] في اللغة
هو [ المكان المرتفع ] ، و الآية توضح أنّ الله قد زوّد الطفل بوسائل
التغذية ( لساناً و شفتين ) ثمّ ( هديناه النجدين ) أي مكان التغذية ، و
هذه أوّل هداية للرضيع من الله سبحانه .
بقي القول أنّ القرآن ركّـز
بشكل أساسيّ على نظافة البيئة التي تنتج الغذاء ، فقال تعالى ( و البلد
الطيّب يخرج نباته بإذن ربّه و الذي خبث لا يخْرج إلاّ نكـداً ) الأعراف 58